غداً 3 ديسمبر من كل عام؛ يحتفي العالم بـ “اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة”، الذي خُصّص من قِبل الأمم المتحدة منذ عام 1992 ليهدف لزيادة الفهم حول قضايا الإعاقة وضمان حقوق “المعاقين“، كما يدعو هذا اليوم إلى رفع الوعي في إدخال الأشخاص الذين لديهم إعاقات في جميع نواحي الحياة من سياسة واقتصاد وثقافة، وغيرها.
ولكن في مصر وباعتبار ذوي الاحتياجات الخاصة جزءاً من المجتمع العام المُهمَّش الراضخ تحت المعاناة والألم، فهم فوق ذلك يتعرضون لتعذيب ومعاناة وحرمان وإهمال وتهميش وإهدار الحقوق في القانون من جهة، والمجتمع بأكمله من جهة أخرى، رغم أنهم قوة بشرية لا يمكن الاستهانة بها، حيث إنهم يستطيعون إحداث الفرق في نمو ورفاهية المجتمع، إذا تم استغلال إمكاناتهم وتوظيفها.
ذوو الإعاقة في مصر
وبحسب البيانات الرسمية المتاحة والصادرة عن جهاز الإحصاء، عن ذوي الإعاقة في مصر، والذي أكد في نتائج التعداد السكاني الذي أجراه لعام 2017، أن ذوي الاحتياجات الخاصة “المعاقين” يشكلون نحو 10.67% من إجمالي عدد السكان “بدءاً من 5 سنوات فأكثر”.
ويزيد عدد “المعاقين” بالحضر عن الريف، حيث تُمثّل نسبة ذوي الإعاقة في حضر الجمهورية 12.2% من العدد الإجمالي للسكان “5 سنوات فأكثر”، مقابل 9.71% بالريف.
وعلى مستوى المحافظات، تحتل محافظة المنيا، المركز الأول، من حيث ارتفاع أعداد المعاقين بها من إجمالي عدد سكان المحافظة، إذ تبلغ نسبة ذوي الإعاقة في المنيا 3.14%.
ويعيش ذوو الاحتياجات الخاصة في مصر بين شقي رحى الإساءة بكافة أشكالها من سخرية وتنمُّر واستغلال بصوره العديدة (جنسي وجسدي ومالي). فهم كما تُشير الدراسات أكثر عُرضة للإساءة من 4 إلى 10 أضعاف من أقرانهم ممن لا يعانون من أي إعاقات.
أبرز مشكلاتهم
وعن أبرز المشكلات التي تواجه ذوي الاحتياجات الخاصة في مصر، فصّلها ذوو الإعاقة أنفسهم خلال الوقفة الاحتجاجية العاشرة والأخيرة التي نظمها العشرات منهم العام الماضي، أمام مجلس النواب؛ للمطالبة بحقهم في التوظيف، وتفعيل نسبة 5 في المائة من الوظائف للعمل في قطاع الأعمال العام والشركات القابضة.
و”يواجه المعاق في حياته اليومية كثيراً من المشاكل، والدولة لا تراعي حقوقه، وفي كثير من الأماكن العامة في مصر وفي محطات القطار وفي السكن”، بحسب ذوي الإعاقة الذين أكدوا أن “المجتمع لا يُقدَّر المعاق ولا يحترمه ويتجاهله، ما يؤدي إلى إحساس المعاق بالإحباط، إلى جانب المضايقات التي يتعرَّض لها وتذكيره بإعاقته، كما أن هناك بعض الفئات من الناس التي ترفض مساعدته أو التعامل معه”.
وعن المشكلات التعليمية، قالوا: إنها تَبرز في صعوبة التحاق صاحب الإعاقة بالبرامج التعليمية، وعدم جاهزية المدارس الحكومية لاستقبال تلك الفئة وحتى بعض المدارس الخاصة.
ﻮﻗﻒ ﻗﺮﺍﺭ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺩﻣﺞ ﺍﻟﻤﻌﺎﻗﻴﻦ ﺑﺎﻟﻤﺪﺍﺭﺱ
وعلى سبيل المثال؛ خلال الأيام الماضية، ﻗﺪ ﺗﻘﺪَّﻡ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﻧﻮﺍﺏ ﺍﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻥ ﺑﻄﻠﺒﺎﺕ ﺇﺣﺎطة؛ ﻟﻤﻄﺎﻟﺒﺔ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﻪ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ “ﻃﺎﺭﻕ ﺷﻮقي” ﺑﻮﻗﻒ ﻗﺮﺍﺭ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺩﻣﺞ ﺍﻟﻤﻌﺎﻗﻴﻦ ﺑﺎﻟﻤﺪﺍﺭﺱ.
وبرَّرت ﺍﻟﻨﺎﺋﺒﺔ “ﻣﺎﺟﺪة ﻧﺼﺮ” – ﻋﻀﻮ ﻟﺠﻨﻪ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻌﻠﻤي ﺑﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﻨﻮﺍﺏ – الأمر بأن ﺩﻣﺞ ﺍﻟﻄﻼﺏ ﺍﻟﻤﻌﺎﻗﻴﻦ ﺑﺎﻟﻤﺪﺍﺭﺱ ﺧﻄﻮﺓ ﻣﻄﻠﻮﺑﺔ ﻭﻣﻔﻴﺪﺓ ﻟﻜﺎﻓﺔ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﺑﺎﻟﻤﺪﺍﺭﺱ، ﻣﺆﻛﺪﺓً ﺃﻧﻪا ﻻ تنكر ﻭﺟﻮﺩ ﺣﺎﺟﺔ ﻹﻋﺎﺩﻩ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻰ ﺍﻟﺘﺠﻬﻴﺰﺍﺕ ﻭﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻄﻠﺒﺔ ﺑﺎﻟﻤﺪﺍﺭﺱ ﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﻗﺮﺍﺭ ﺍﻟﺪﻣﺞ ﺑﺎﻟﻤﺪﺍﺭﺱ.
ومع إعلان رئيس الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي بأن هذا العام عام لذوي الاحتياجات الخاصة، فإن الخدمات الحكومية الإلكترونية ليست فقط هي التي يُحرم منها كثير من ذوي الاحتياجات الخاصة بمصر، بل حتى التقليدية منها الكتب الدراسية المكتوبة بطريقة “برايل” (الحروف البارزة) والتي يطالعها التلاميذ المكفوفون في 33 مدرسة خاصة بهم، لم تصل إليهم بعد، رغم قرب انتهاء النصف الأول من العام الدراسي.
وللمفارقة، فهؤلاء المحرومون من الكتب هم 2.5% فقط من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يحصلون على قسط من التعليم، وذلك وفق تصريحات لرئيس الوزراء السابق “شريف إسماعيل” الذي قدّر “أعداد ذوي الاحتياجات الخاصة بنحو 15 مليوناً”.
افتقادهم للعديد من الاحتياجات الأساسية
وفي إطار تعبير ذوي الاحتياجات الخاصة العام الماضي، أشاروا أيضاً إلى أن صاحب الإعاقة يفتقد الطب التأهيلي والعلاج الطبيعي وتوفير الفنيين والمختصين والأجهزة الطبية الجيدة التي تخفف من شدة وحجم الإعاقة، فضلاً عن غياب التقاليد المجتمعية الخاصة بتربية الطفل المصاب بإعاقة، وانعدام تجارب الأهل على الصعيد الشخصي والعائلي، وعدم توفر دراسات عن حاجات الطفل من ذوي الإعاقة في مراحل النمو المختلفة، ما يجعل هذه المهمة أكثر صعوبة.
ولم يغفلوا صعوبة الحصول على وظيفة، وأوضحوا أن كثيراً من مؤسسات العمل ترفض توظيف المعاقين حتى مَن تلقّى منهم التدريب والتعليم والتأهيل، ولفتوا إلى عدم مساواتهم في الرواتب مع الأسوياء، ما يَحُول دون قدرتهم على توفير أساسيات الحياة، كما أن المؤسسات لا تُطبّق نسبة الـ 5 في المائة التي ينص عليها القانون المصري.
إضافة إلى أنه ليس لديهم برنامج تأمين صحي شامل لكل احتياجاتهم من علاج جسدي ونفسي، وهناك نقص في المستشفيات المتخصصة في علاج بعض الحالات، ويواجهون صعوبة في المصالح الحكومية عند تخليص بعض الأوراق، إلى جانب مشاكل بين المعاقين وحركات المعاقين والمجالس المتخصصة التابعة للدولة، وكثير منهم يرون أن المجالس لا تمثلهم.
غضب المعاقين
وفي شهر يوليو تصاعدت حالة الغضب من جديد بين المعاقين، تجاه اللائحة التنفيذية لقانون الأشخاص ذوى الإعاقة؛ بسبب تصنيف الإعاقات، وحجب بعض الامتيازات التي أقرها القانون عن كثير من الحالات، مثل المصاب بشلل أطفال في قدم واحدة، أو المصاب بالعمى في عين واحدة، واعتبروا خروج الأقزام من التصنيف، كارثة تُخالف الدستور والقانون.
واستنكر “عمرو نصار” – منسق الحملة الوطنية للدفاع عن حقوق ذوي الإعاقة في مصر – التصنيف، ووصفه بأنه انتهاك صارخ للحقوق، ومخالف للدستور والقانون، فضلاً عن مخالفته للاتفاقيات الدولية الموقعة عليها مصر قائلاً: “هذا أمر كارثي، ونعتبره إطلاق آخر رصاصة على قانون انتظرناه لنحو 40 عاماً”.
وحمّل “نصار”، الأمين العام للمجلس الدكتور “أشرف مرعي”، مسئولية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، قائلاً: “إن المسئول الأول عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة هو المجلس القومي، وبالتالي يجب أن يساندهم ولا يقف أمامهم”.
جدير بالذكر أن “فتحي الديب” – المحامي بالاستئناف العالي – قال: إن المجتمع الدولي أدرك منذ منتصف القرن الماضي أهمية الاهتمام بذوي الإعاقة الذهنية وغيرها من الإعاقات الأخرى والتي تجعل من يعانى بأي منها في مرتبة متأخرة عن غيره في أي مجتمع، حتى أنه في بعض المجتمعات لم تكن حكوماتها تنظر إليهم من قريب ولا من بعيد إلى أن توالت المطالبات وتزايدت بضرورة الاهتمام بتلك الفئة واستغلال نقاط القوة لديهم وتنميتها، حتى نتمكّن من تنمية المهارات الخاصة بهم وصولاً إلى إدماجهم بداخل مجتمعاتهم بصورة لائقة مُشرّفة ترفع من معنوياتهم التي كانت في أقل نسب لها منذ فترة ليست بقريبة.
وأضاف “الديب” “بأنه عند التحدث عن أفكار للنهوض بمهارات المعاقين لا سيما المعاقين ذهنياً على سبيل التحديد فلابد أن نعرض أولاً كيف تعامل الدين الإسلامي وشريعتنا مع هؤلاء، مروراً بالمعاهدات والمواثيق والإعلانات الدولية وصولاً إلى الجرائم التي ترتكب بحق المعاقين، حتى يتسنَّى لنا طرح حلول عديدة للقضاء على تلك الجرائم لكي تنجو تلك الفئة من بطش البعض ممن سقط عنهم الضمير وممن لا يشعر بتلك المعاناة التي يعيشونها”.
شارك برأيك
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الثورة اليوم وإنما تعبر عن رأي أصحابها